-A +A
حمد عائل فقيهي
(1)
عند النظر إلى الأدبيات والدراسات التي تتناول الإسلام والعرب والصورة النمطية للمسلم.. عندما نقرأ هذه الأدبيات والدراسات سوف نرى أن ثمة نظرة أسطورية للشرق كرستها الرؤية الاستشراقية للباحثين الغربيين وكانت مثار جدل طويل ونقاش واسع وأريق من أجل هذه القضية حبر كثير.. وقد تناول المفكر الفلسطيني الأمريكي ادوارد سعيد ذلك بالتفصيل عبر كتابه الهام «الاستشراق» وتبعه بعد ذلك بكتابه «الثقافة والامبريالية» وقد بين سعيد في هذين الكتابين وفضح تلك الرؤية الاستعمارية التي كانت تحملها الكتابات الاستشراقية، ورحلات المستشرقين إلى بلاد الشرق.. الى هذا العالم الاسطوري حيث الشمس، والصحراء، والبداوة وعوالم ألف ليلة وليلة.. وحيث يتلاقى الواقع مع المتخيل.. وحيث تتقاطع أزمنة الماضي مع أزمنة الحاضر.. وحيث الأمكنة مرتبطة بحال العربي.. ذاكرة وذكرى، ولكأنما تلك الصورة الأسطورية ما برحت تشكل حضورها، في الذهنية الغربية ولكأنما العرب يشكلون الوجه الآخر للغرب، انها ثنائية التقدم والتخلف والتطور والتقهقر.

(2)
في كتابه «أين يكمن الخطأ؟ صدام الإسلام والحداثة في الشرق الأوسط» يتساءل المؤرخ والباحث برنارد لويس: كثيراً ما قيل بأنه إذا كان الإسلام عقبة في وجه الحرية والعلم والتطور الاقتصادي فكيف أصبح المجتمع الإسلامي في الماضي رائداً في كل هذه المجالات الثلاثة؟ ويضيف «وذلك حين كان المسلمون أقرب «زمنياً» لمصادر وإلهام ايمانهم منهم الآن». بالرغم من عدم نزاهة الكثير من آرائه وانحيازه ليهوديته.. لكن يظل لويس أحد أبرز المحللين والمؤرخين والعارفين بالتاريخ العربي والإسلامي، والذي يرى أن التاريخ الحديث للشرق الأوسط يبتدئ -كما هي رؤية ورأي أغلب مؤرخي المنطقة- في العام 1798م وهو العام الذي وصلت فيه الثورة الفرنسية ممثلة في الجنرال نابليون بونابرت وحملته إلى مصر.
(3)
إن كثيراً من الذين يدرسون الحالة العربية كحالة عصية على التقدم، وإنه بالرغم من أن العربي ككائن وإنسان ينتمي إلى العصر وللحظته الراهنة، واستخدامه لأحدث أدوات التقنية والتصاقه بمكونات هذه اللحظة إلا أن الكثير يعيش في داخله الشيء وضده، الشيء ونقيضه، إنه يستخدم كل ما أنتجه الغرب ثم هو يلعن في داخله وفي أعماقه هذا الغرب الكافر والملحد، إنه المنبهر بالغرب، والشاتم ليلاً ونهاراً لهذا الغرب، وثمة قطاع عريض من العرب والمسلمين ومن يسمون بالأصوليين من أكثر الذين يستخدمون أحدث ما أنتجه الغرب بل ويوظفون ذلك في عملياتهم الإرهابية وفي الوقت نفسه هم معادون لهذا الغرب..
أخيراً.. إن الإسلام ليس ضد التقدم ولا هو في عمقه ضد التحديث في أبعاده الحضارية ولكن بعض من يفتقرون إلى فهم الإسلام في أبعاده الحضارية هم في البدء والخاتمة ضد ما من شأنه رفع قيمة الإنسان.. وقيمة المجتمع والإيمان بقيم الإسلام أولاً.. وأن العقل هو «المضيء» بالفكر والمعرفة وبالأسئلة.